للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، فالاستفهام عن عين الخالق للتمييز بينه وبين الآلهة التي تعبد؛ فإن المستفهمين بها كانوا مقرين بصفة الخالق، وإنما طلب بالاستفهام تعيينه وتمييزه ولتقام عليهم الحجة باستحقاقه وحده العبادة" (١).

ويقول رحِمَهُ الله: "وقد أخبر عن الكفار أنهم يعرفونه مع ردهم على رسله قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥]، وقال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)} [الزخرف: ٨٧]، مع آيات كثيرة وذلك موجود منهم ضرورة، وهم في الجاهلية يعرفونه ولا ينكرونه ويقولون: إلهنا القديم والعتيق، وإله الآلهة، ورب الأرباب، وغير ذلك من كفرهم" (٢).

ويقول ابن كثير: "ثم قال عَزَّ وجَلَّ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) أي: ولئن سألت هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره من خلقهم ليقولن الله؛ أي: يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعًا وحده لا شريك له في ذلك" (٣).

ويقول الإمام ابن أبي العز: "فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، وأن خالق السموات والأرض واحد كما أخبر تعالى عنهم بقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥)} [المؤمنون: ٨٤، ٨٥]، ومثل هذا كثير في القرآن، ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام: أنها مشاركة لله في خلق العالم، بل كان حالهم فيها كحال أمثالهم من مشركي الأمم؛ من الهند والترك والبربر وغيرهم" (٤).


(١) مجموع الفتاوى (١٦/ ٥٩٧).
(٢) درء التعارض (٨/ ٥٠٩).
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ١٣٧)، وانظر: (٣/ ٣٧٠).
(٤) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٧٩).