للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول أيضًا: "من محاسن الشريعة وكمالها وجمالها وجلالها: أنَّ أحكامَها الأصوليَّة والفروعية، والعبادات والمعاملات، وأمورها كلّها لها أصولٌ وقواعدُ، تَضبِطُ أحكامَها، وتَجمعُ مُتفرِّقَها، وتَنشر فروعَها، وتَردُّها إلى أصولها، فهي مبنية على الحكمة والصلاح، والهدى والرحمة، والخير والعدل، ونفي أضداد ذلك" (١).

"ولهذا فإنَّه يترتَّب على العناية بالقواعد المأثورة والأصول الكليّة المنقولة عن السلف الصالح -رحمهم اللَّه- من الفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلّا اللَّه؛ لأنَّ فيها كما يقال: وضعُ النقاط على الحروف، وفيها تجليةٌ للأُمور، وتوضيحٌ للمسائل، وإزالةٌ للّبْس، وأَمْنٌ من الخَلْط، إلى غير ذلك من الفوائد" (٢).

د - ومما يدل على أهمية القواعد والأصول: أنها تقي المسلم بإذن اللَّه من الانحراف والزلل، وتجعله ينظر إلى الأقوال والأعمال والأعيان بتأنٍ وتؤده، وبها يكون كلامه مبنيًا على علمٍ متينٍ وعدل وإنصافٍ.

ولذا يقول الإمام ابن تيمية: "لا بُدَّ أنْ يكون مع الإنسان أصولٌ كليّةٌ تُردُّ إليها الجزئيّات، ليتكلّم بعلمِ وعدل، ثمّ يعرف الجزئيّات كيف وقعت، وإلّا فيبقى في كذب وجهلٍ في الجزئيّات، وجهلٍ وظُلمٍ في الكليّات فيتولّد فساد عظيمٌ" (٣).


(١) الرياض الناضرة، للسعدي (ص ٥٢٢)، ضمن المجموع الكاملة لمؤلفات الشيخ السعدي، المجلد الأول/ ثقافة إسلامية.
(٢) انظر: الأثر المشهور عن الإمام مالك -رَحِمَه اللَّه- في صفة الاستواء، للأستاذ الدكتور/ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر، ضمن: مجلة الجامعة الإسلامية، عدد (١١١) (ص ٣٥).
(٣) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٠٣).