للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيًا: الألوهية والربوبية صفتان للرب تبارك وتعالى، وهي متلازمة وغير مترادفة كما سبق تقرير ذلك، لكن جاء في القرآن الكريم تسمية معبودات المشركين أربابًا، وذلك لأن العرب استعملت الرب بمعنى المعبود، فأطلقت على المعبود ربًّا كما سبق بيانه في معاني كلمة الرب في لغة العرب، وعليه فجميع ما ورد في القرآن أو في السُّنَّة من وصف آلهة المشركين بأنها أرباب هو من هذا القبيل، والمقصود بها الآلهة المعبودة.

يقول ابن عطية: "ويسمون الله ربًّا، ويسمون أوثانهم أربابًا ونحو هذا" (١).

ويقول الشهرستاني: "وكانوا يسمونها أربابًا آلهة، والله تعالى هو رب الأرباب، وإله الآلهة" (٢).

وقد أوضح هذا -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما سئل: ما قول الشيخ في تسمية المعبودات أربابًا؟ إذ الرب يطلق على المالك، والمعبود على الإله، وكل اسم من أسمائه جل وعلا له معنى يخصه بالتخصيص دون التداخل بالتعميم؟ فقال رحمه الله: "الجواب: الرب والإله في صفة الله تبارك وتعالى متلازمة غير مترادفة، الرب من الملك والتربية بالنعم، والإله من التأله؛ وهو القصد لجلب النفع ودفع المضرة بالعبادة، ولذلك صارت العرب تطلق الرب على الإله؛ فسمُّوا معبوداتهم أربابًا من دون الله؛ لأجل ذلك؛ أي: لكونهم يسمُّون الله ربًا بمعنى إلهًا" (٣).

ثالثًا: أفادت القاعدة علاقة الربوبية بالألوهية، وأنهما متلازمان،


(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٤٨١).
(٢) الملل والنحل (٢/ ٤٩).
(٣) الفتاوى (ص ٤٣).