للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن تيمية مبينًا معنى القاعدة: "فلا بد من الكلام في هذين الأصلين: الأصل الأول: توحيد الإلهية؛ فإنه سبحانه أخبر عن المشركين كما تقدم بأنهم أثبتوا وسائط بينهم وبين الله، يدعونهم ويتخذونهم شفعاء بدون إذن الله، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)} [يونس:١٨]، فأخبر أن هؤلاء الذين اتخذوا هؤلاء شفعاء مشركون.

ومن تحقيق التوحيد أن يعلم أن الله تعالى أثبت له حقًا لا يشركه فيه مخلوق؛ كالعبادة والتوكل، والخوف، والخشية، والتقوى، كما قال تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (٢٢)} [الإسراء:٢٢].

الأصل الثاني: حق الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعلينا أن نؤمن به، ونطيعه، ونتبعه، ونرضيه، ونحبه، ونسلم لحكمه، وأمثال ذلك قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)} [التوبة: ٦٢]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: ٢٤]، وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]، وأمثال ذلك" (١).

ويقول رَحمه الله أيضًا: "وهذان الأصلان: هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس الإسلام؛ شهادة أن لا إله إلا الله (٢)، وشهادة أن محمدًا


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٠٥ - ١١٠) بتصرف.
(٢) وإذا أطلقت كلمة التوحيد لا إله إلا الله دخلت فيها الشهادة بأن محمدًا رسول الله =