للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللّه؛ فإن الشهادة لله بأنه لا إله إلا هو تتضمن إخلاص الألوهية له، فلا يجوز أن يتأله القلب غيره؛ لا بحب، ولا خوف، ولا رجاء، ولا إجلال، ولا إكبار، ولا رغبة، ولا رهبة، بل لا بد أن يكون الدين كله للّه.

والشهادة بأن محمدًا رسول اللّه تتضمن تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، فما أثبته وجب إثباته، وما نفاه وجب نفيه، كما يجب على الخلق أن يثبنوا ما أثبته الرسول لربه، وينفوا عنه ما نفاه عنه من مماثلة المخلوقات، وعليهم أن يفعلوا ما أمرهم به، وأن ينتهوا عما نهاهم عنه، ويحللوا ما أحله، ويحرموا ما حرمه، فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله" (١).

كما دلت القاعدة على أن جميع الأعمال مدارها على الشهادتين، وذلك لأن جميع أعمال الدين داخلة في الشهادتين، فما من طاعة أو عبادة أو شعبة من شعب الإسلام إلا وأصلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول اللّه.

يقول الإمام ابن تيمية: "وإذا كانت الشهادتان هي أصل الدين؛ وفرعه، وسائر دعائمه، وشعبه داخلة فيهما، فالعبادة متعلقة بطاعة الله ورسوله، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: ٦٩] " (٢).


= ضمنًا كما حقق ذلك أهل العلم، قال الحافظ ابن حجر: "والمراد بقوله: (لا إله إلا الله) في هذا الحديث وغيره كلمتا الشهادة، فلا يرد إشكال ترك ذكر الرسالة. قال الزين بن المنير: قول (لا إله إلا الله) لقب جرى على النطق بالشهادتين شرعًا". [فتح الباري (٣/ ١١٠)]، وقال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: "وإذا جاءت لا إله إلا اللّه وحدها تدخل فيها شهادة أن محمدًا رسول الله ضِمنًا". [إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ٦٢)].
(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٤٥٢) بتصرف، وانظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١٠/ ٢٨٧ - ٢٨٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٣/ ٣٤١).