للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول رحمه الله في معنى الحديث: "فإذا كان القلب صالحًا بما فيه من الإيمان؛ علمًا، وعملًا قلبيًا لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل؛ قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن، لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد" (١).

ويقول الإمام ابن أبي العز الحنفي: "ولا شك أنه يلزم من عدم طاعة الجوارح عدم طاعة القلب، إذ لو أطاع القلب وانقاد لأطاعت الجوارح وانقادت، ويلزم من عدم طاعة القلب وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب"، فمن صلح قلبه صلح جسده قطعًا بخلاف العكس" (٢).

ويقول ابن الحاج في تقرير معنى الحديث: "فالأصل الذي تتفرع عنه العبادات على أنواعها هو الإخلاص، وذلك لا يكون إلا بالقلب، فعلى هذا الجوارح الظاهرة تبع للباطنة، فإن استقام الباطن استقام الظاهر جبرًا، وإذا دخل الخلل في الباطن دخل في الظاهر من باب أولى، فعلى هذا ينبغي للمؤمن أن تكون همته وكليته في تخليص باطنه واستقامته؛ إذ أن أصل الاستقامة منه تتفرع، وهو معدنها، وقد نص الحديث على هذا وبيَّنه أتم بيان" (٣).

سادسًا: تحقيق الشهادتين لا يتم إلا بإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى وحده دون غيره من المعبودات والمألوهات، ومتابعة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، فمن لم


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ١٨٧)، وانظر: (١٣/ ٤٠)، (١٤/ ١١٤)، (١٤/ ١٢١).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٣٨٤)، وانظر: الصلاة وحكم تاركها لابن القيم (ص ٧١).
(٣) المدخل لابن الحاج (١/ ٧).