للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول رحمه الله: "ودين الإسلام مبنى على أصلين؛ وهما: تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدًا رسول اللّه، وأول ذلك أن لا تجعل مع اللّه إلهًا آخر؛ فلا تحب مخلوقًا كما تحب اللّه، ولا ترجوه كما ترجو اللّه، ولا تخشاه كما تخشى الله، ومن سوى بين المخلوق والخالق في شيء من ذلك فقد عدل بالله، وهو من الذين بربهم يعدلون، وقد جعل مع الله إلهًا آخر وإن كان مع ذلك يعتقد أن الله وحده خلق السماوات والأرض.

الأصل الثاني: أن نعبده بما شرع على ألسن رسله عليهم السلام لا نعبده إلا بواجب أو مستحب، والمباح إذا قصد به الطاعة دخل في ذلك" (١).

ويقول رحمه الله أيضًا: "فلا ينفع المريد القاصد أن يعبد؛ أي معبود كان، ولا أن يعبد الله بأي عبادة كانت، بل هذه طريقة المشركين المبتدعين الذين لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللّه؛ كالنصارى ومن أشبههم من أهل البدع الذين يعبدون غير الله، بغير أمر اللّه، وأما أهل الإسلام والسُّنَّة فهم يعبدون اللّه وحده، ويعبدونه بما شرع، لا يعبدونه بالبدع إلا ما يقع من أحدهم خطأ" (٢).

سابعًا: ومما ينبني على القاعدة أن لا يُعْتقد في غير الله تعالى شيءٌ من خصائص الألوهية أو الربوبية، ولا في غير رسوله -صلى الله عليه وسلم- شيءٌ من خصائص النبوة والرسالة، فمن وُجِدَ في قلبه أو حاله شيءٌ من ذلك لم يكن قد تحقق بالشهادتين قولًا وعملًا واعتقادًا، بل يشهد عليه لسان حاله إقراره بألوهية إله غير الله -تعالى وتنزه- وبنبوة رسول غير محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول الإمام ابن تيمية: "فإن رأس الإسلام شهادة أن لا إله إلا اللّه،


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٣١٠ - ٣١١)، وانظر أيضًا: (١/ ٣٣٣).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٤٨٧).