للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن محمدًا عبده ورسوله، فلا بد من إخلاص الدين لله حتى لا يكون في القلب تأله لغير اللّه، فمتى كان في القلب تأله لغير اللّه فذاك شرك يقدح في تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه، ولا بد من الشهادة بأن محمدًا رسول اللّه، وذلك يتضمن تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته فيما أمر به، ومن ذلك الإيمان بأنه خاتم النبيين، وأنه لا نبي بعده، فمتى جعل لغيره نصيبًا من خصائص الرسالة والنبوة كان في ذلك نصيب من الإيمان بنبي بعده، ورسول بعده؛ كالمؤمنين بنبوة مسيلمة، والعنسي، وغيرهما من المتنبئين الكذابين، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالين كذابين كلهم يزعم أنه رسول الله" (١).

فمن أوجب طاعة أحد غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كل ما يأمر به، وأوجب تصديقه في كل ما يخبر به، وأثبت عصمته أو حفظه في كل ما يأمر به، ويخبر من الدين فقد جعل فيه من المكافأة لرسول اللّه، والمضاهاة له في خصائص الرسالة بحسب ذلك؛ سواء جعل ذلك المضاهي لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بعض الصحابة، أو بعض القرابة، أو بعض الأثمة والمشايخ، أو الأمراء من الملوك وغيرهم" (٢).

ثامنًا: تضمنت القاعدة التعريف بأصلي الإسلام الذين ينبني عليهما هذا الدين، الأصل الأول: معرفة المعبود والتعرف على أسمائه وصفاته،


(١) أصل الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب: باب خروج الناس .. (٦/ ٢٦٠٥)، برقم (٦٧٠٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، (٤/ ٢٢٣٩)، برقم (١٥٧)، ولفظهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ يكُونُ بَيْنَهُما مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاِثينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولَ اللهِ ... "، وهناك ألفاظ أخرى للحديث رواها أصحاب السُّنن قريبة مما ذكره شيخ الإسلام.
(٢) جامع الرسائل (١/ ٢٧٣).