للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستحقاقه للعبادة دون ما سواه، وأن جميع ما عبد بالتنديد من دونه لا يستحق شيئًا من العبادة والخضوع، والأصل الثاني: معرفة الطريق المؤدية والموصلة إلى رضوان ذلك المعبود العظيم الذي اتصف بجميع صفات الكمال، ونعوت الجلال، وهو طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ هو أعظم من عبده ووحده وأخلص له.

يقول الشيخ حافظ الحكمي: "الشهادتان؛ وهما شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول اللّه، ... فبالشهادة الأولى يعرف المعبود وما يجب له، وبالثانية يعرف كيف يعبده، وبأي طريق يصل إليه، وكيف يؤمن بالعبادة أحد قبل تعريفه بالمعبود، وكيف يؤديها من لم يعرف كيف أمر الله أن يعبد، ففي الشهادة الأولى توحيد المعبود الذي ما خلق الخلق إلا ليعبدوه وحده لا شريك له، وفي الشهادة الثانية توحيد الطريق الذي لا يوصل إلى الله تعالى إلا منه، ولا يقبل دينًا ممن ابتغى غيره، ورغب عنه" (١).

تاسعًا: تحقيق الشهادتين لا يحصل إلا باجتماعهما؛ أي: تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه لا يصح ولا يقبل لا حقيقة ولا حكمًا إلا بعد أن ينضم إليه تحقيق شهادة أن محمدًا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فهما قرينتان لا ينفك أحدهما عن الآخر في حال الإسلام وصحة الإيمان.

ولذلك لم يقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أهل الكتاب كاليهود مثلًا قولهم: لا إله إلا اللّه، وقاتلهم، وحكم بكفرهم لعدم إيمانهم وتصديقهم وإقرارهم بأن محمدًا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-.

يقول الإمام ابن تيمية: "وأما الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو المهم؛ إذ لا يتم الإيمان بالله بدون الإيمان به، ولا تحصل النجاة والسعادة بدونه؛ إذ هو الطريق إلى الله سبحانه؛ ولهذا كان ركنا الإسلام: أشهد أن لا إله


(١) معارج القبول (٢/ ٦١٩ - ٦٢٠).