للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأذهان، وصفائها، وصحتها، وقوة إدراكها، وكماله، وكثرة المعاون، وقلة الصارف، وقرب العهد بنور النبوة، والتلقي من تلك المشكاة النبوية، فإذا كان هذا حالنا وحالهم فيما تميزوا به علينا، وما شاركناهم فيه، فكيف نكون نحن، أو شيوخنا، أو شيوخهم، أو من قلدناه أسعد بالصواب منهم في مسألة من المسائل، ومن حدث نفسه بهذا فليعزلها من الدين والعلم واللّه المستعان" (١).

فهذا هو المنهج الذي سار عليه علماء الإسلام من أهل السُّنَّة والجماعة فيما يتعلق بوضعالقواعد وتقريرها، إذ ما برحوا يستدلون على دينهم، وعقائدهم، بما جاء في كتاب اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -، وبما صح من سُنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يجدوا فبما ثبت وأُثر عن السلف الصالحين، من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين المعروف عنهم الإمامة في السُّنَّة والتقدم فيها، فيسلكون طريقهم ويقولون فيها بقولهم (٢).

ج - طريقة أهل العلم فيما يبرزونه من القواعد والأصول إنما يكون لفائدة مرجوة من هذا التقعيد، أو لحاجة طرأت لهم، كما حصل لهم عندما كثرت الفرق والطوائف والآراء، وخالفت ما هو مقرر من أصول أهل السُّنَّة والجماعة اضطر العلماء بعد ذلك لإبراز هذه الأصول والتعبير بالقواعد؛ لأن القواعد في الأصل لم يكن معبِّرًا عنها بالقاعدة عند السلف الصالح؛ يعني عند الصحابة والتابعين، وإنما وضعها العلماء وعبروا عنها بلفظ قاعدة، أو باصل ونحو ذلك من التعبيرات؛ لأجل أن تُضبط المسائل، وحتى يسهل على الناظر أنْ يتفطّن للمسائل المتفرقة وما يجمعها من قاعدةٍ وأصلٍ واحد (٣).


(١) إعلام الموقعين (٤/ ١٤٨ - ١٥٠).
(٢) انظر: وسطية أهل السُّنَّة بين الفرق (ص ١٠٣ - ١٠٤).
(٣) محاضرة بعنوان (قواعد القواعد) لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ (كاسيت)، مع التصرف.