د - بالنسبة للتنصيص على أن هذه قاعدة أو لأصل موجود في كثير من أقوالهم -رحمهم اللَّه-، فيقولون: لأنّ القاعدة كذا، أو لأنّ الأصل كذا، وتارة لا تجد التعبير بلفظ القاعدة أو أصل، وإنما تجد التعبير بالأمر الكلّي، أو الكلمة الجامعة في كذا كذا، ويقولون: كل كذا ثم يذكر الحكم، أو يقول فكل شيء ثم يذكر الحكم، ومن المعلوم أن التعبير بالأمر الكلي يفهم منه أنّ هذا تقعيد؛ لأنّ الكليات ترجع إليها أفرادها (١).
ثالثًا: ومما يتعلق بمبحث التقعيد أن بابه ليس مفتوحًا بحيث يتاح لكل أحد أن يُقَعِّد، وأن يستخرج قواعد أو أصول كلية من خلال النصوص الشرعية، وإنما مرجع هذه الأمور للمجتهد المتمرس الذي استقرى الأدلة، وسبر النصوص، وبالنسبة للعالم الذي يريد وضع قواعد في العقيدة لا بد أن يكون متمكنًا في العقيدة، مُلِمًّا بأقوال السلف في أدق الأمور، وبأقوال مخالفيهم واستدلالهم وشبهاتهم، كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، فإنه قعَّد وأصَّل في كثير من مسائل العقيدة وهو أَهْلٌ لذلك؛ لمعرفته الدقيقة بمآخذ الأدلة وأصول الاعتقاد من الكتاب والسُّنَّة، إذ جميع ما قرره من قواعد لها أدلتها من الكتاب والسُّنَّة، ولم يأت بشيء يخالف هذه الأصول في الغالب.
وما يجب التنبيه عليه في هذا المقام أنه لا يسوغ لأحد أن ينسب قاعدة من القواعد؛ سواء كانت في العقيدة، أو في العبادة فينسبها للسلف الصالح فيقول: القاعدة عند السلف كذا، أو من قواعد السلف كذا إلا بأحد طريقين:
الأول: أنْ يجد نصًا من أحد علماء السلف على أنها قاعدة، مثل قولهم: والقاعدة كذا، والأصل كذا، حتَّى لا نجعل السلف مقعدين