للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخاصة الجامعة بين النفي والإثبات ليدل على حصر الإلهية لله تعالى؛ فإن الجمع بين النفي والإثبات أبلغ صيغ الحصر، وقد ثبت العلم الضروري بالاكتفاء بهذه الكلمة الشريفة في إثبات التوحيد لله تعالى، من غير نظر إلى واسطة بين النفي والإثبات، ولا انضمام لفظ آخر إليه" (١).

ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: "اعلم أن (لا إله إلا اللّه)، هي كلمة التقوى، والعروة الوثقى، وأصل دين الإسلام، ومفتاح دار السلام؛ قد دلت بمنطوقها وموضوعها، على نفي استحقاق الإلهية عن غيره تعالى، والبراءة من كل معبود سواه، قولًا وفعلًا، وإثبات استحقاق الإلهية على وجه الكمال لله تعالى.

فالأول: وهو النفي، يستفاد من: (لا) واسمها، وخبرها المقدر، والإثبات: يستفاد من الاستثناء؛ لأن الإثبات بعد النفي المتقدم، أبلغ من الإثبات بدونه، وهذه طريقة القرآن، يقرن بين النفي والإثبات غالبًا؛ -كما في هذا الموضع- لأن المقصود لا يحصل إلا بهما" (٢).

ثانيًا: من المعلوم مجيء جميع الأنبياء والرسل بالدعوة إلى (لا إله إلا اللّه)، وإخلاص العبادة لله تعالى، وقد جاءت النصوص القرآنية تبين وتوضح اشتمال دعوة الرسل جميعًا على النفي والإثبات، ومعناه كما سبق: الأمر بعبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه، فهذا هو المقصود من النفي والإثبات، فإن دلالة (لا إله إلا اللّه) اللفظية على صورة الخبر، والمقصود منه الأمر والنهي -كما سيأتي تفصيل ذلك في تطبيقات القاعدة- ومن تلك الآيات التي جاءت مفسرة لكلمة التوحيد ما يأتي:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦].


(١) معنى لا إله إلا الله للزركشي (ص ٨٣).
(٢) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٢/ ٣٢٦).