للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالدعاء، والاستغاثة والاستشفاع بها، والعكوف عندها، والتبرك بها كأصنام قوم نوح، وأصنام قوم عاد" (١).

وقال رحمه الله: "ثم إن هذا الرجل انتهى أمره في ما كتبه إلى أن زعم: أن المنفي بـ (لا) كلي، وهذا الكلي منوي ذهنًا لا يوجد منه في الخارج إلا فرد، وذلك الفرد المنفي بلا هو المستثنى بعينه، وهذا صريح كلامه، وأتى فيه بثلاث عظام هي إلى الكفر أقرب منها إلى الإيمان:

الأولى: أنه زعم أن المنفي بلا كلي لا يوجد إلا ذهنًا، فعنده أنها لم تنف طاغوتًا، ولا وثنًا، ولا صنمًا، ولا غيرها مما يعبد من دون اللّه.

كما أنه خالف أيضًا أهل المنطق؛ فإن الكلي عندهم مقول على كثيرين، مختلفين بالعدد دون الحقيقة، ولم يقولوا: إنه منوي لا يوجد منه في الخارج إلا فرد.

الثانية: أنه زعم أن ذلك الفرد الذي لا يوجد غيره، لما كان منفيًا بـ (لا) صار ثابتًا بـ (إلا)، وهو فرد واحد، فصار الإله عنده متصفًا بالنفي والإثبات، والنفي والإثبات في فرد نقيضان، ومقتضاه أن هذا الفرد صار أولًا باطلًا؛ لأنه منفي بـ (لا) ثم صار حقًا؛ لأنه استثني بـ (إلا)، فاجتمع فيه الوصفان. نعوذ باللّه من هذا التهافت والإلحاد، والتناقض والعناد.

والثالثة: أنه صرح أن المنفي كلي، والفرد الموجود في الخارج جزئي، تعالى اللّه عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، وهذا هو حقيقة قول هذا؛ ولهذا مثّله بقوله: (لا شمس إلا الشمس) " (٢).


(١) الدرر السنية (١/ ٢٤٩).
(٢) الدرر السنية (١١/ ٢٦١ - ٢٦٣) بتصرف.