للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عام يشمل كل ما تجاوز به المخلوق حدَّه، فادعى لنفسه أو لغيره شيئًا من خصائص الربوبية أو الألوهية، مما تفرد الله تبارك وتعالى به، أو نُسِبَ إليه شيء من هذه الخصائص فرضي بها ولم ينكرها، ويدخل فيه كل ما عبد من دون الله تعالى، ومن يتسبب في ضلال الناس وصدهم من الشياطين وبني آدم فيفسد عليهم فطرهم التي خلقهم الله عليها (١).

ويمكن إرجاع جميع الأقوال السابقة عن أهل العلم في معنى الطاغوت إلى قول عمر بن الخطاب وابن عباس -رضي الله عنهم- ومن قال بقولهم بأن الطاغوت هو الشيطان، وذلك لأن الشيطان هو الداعي في الأصل إلى عبادة ما عبد من دونه، وكل من وقع وذلك لأن الشيطان هو الداعي في الأصل إلى عبادة ما عبد من دونه، وكل من وقع في الكفر بالله العظيم فبسبب دعوته وتسويله وتزيينه، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا


(١) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي (١/ ٩٠)، والأمثال القرآنية القياسية (١/ ٢١٦)، ويستثنى من معنى الطواغيت الذين عبدوا من دون الله الأنبياء والملائكة وعباده الصالحون من أهل الإيمان والتوحيد، قال تعالى في تبرؤ الملائكة ممن عبِدوهم: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)} [سبأ: ٤٠، ٤١]، وقال سبحانه في شأن عيسى عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦)} [المائدة: ١١٦]، ولذا عندما المشركون قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} ضربوا مثلًا بعيسى عليه السلام وأنه عُبِدَ من دون الله تعالى مع انه نبي من أهل الجنة، وذلك احتجاجًا منهم على عبادة آلهتهم الباطلة من دون الله ردَّ الله عليهم، وأبطل احتجاجهم باستثناء عباده الصالحين الذين عُبدوا من دونه من الدخول في جهنم؛ وذلك لأن عبادتهم لم تكن بطلب أو برضا منهم، بل نُسب إليهم ذلك زورًا وبهتانًا، وهم من أشد الخلق كرهًا وبغضًا وتسخطًا على عبادة غيره سبحانه، وسيتبرّؤون منهم يوم القيامة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢)} [الأنبياء: ١٠١، ١٠٢]. [انظر: الأمثال القرآنية القياسية للدكتور عبد الله الجربوع (١/ ٢١٦ - ٢١٨)].