للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله؛ لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله، أو ركن منه كما هو صريح قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} " (١).

وقال في موضع آخر مستدلًا بالآية: "فيفهم منه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يتمسك بالعروة الوثقى، ومن لم يستمسك بها فهو مترد مع الهالكين" (٢).

ثانيًا: قوله عليه السلام: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ" (٣).

يقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله، فإنه لم يجعل التلفُّظَ بها عاصِمًا للدَّم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لَفْظها، بل ولا الإقرارَ بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك به، بل لا يَحْرُمُ ماله ودمُه حتى يُضِيفَ إلى ذلك الكفْرَ بما يعْبُدُ من دون الله، فإن شَك أو توقّفَ لم يَحْرُمْ ماله ودمُه، فيا لها من مسألةٍ ما أعْظَمها وأجَلّها، ويا لَهُ من بيانٍ ما أوْضَحَهُ، وحجّةٍ ما أقطَعَهَا للمنازع" (٤).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "اعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث علق عصمة المال والدم بأمرين؛ الأول: قول لا إله إلا الله، والثاني: الكفر بما يعبد من دون الله، فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى، بل لا بد من قولها والعمل بها" (٥).


(١) أضواء البيان (١/ ٢٤٤ - ٢٤٥).
(٢) أضواء البيان (٧/ ٥٠).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (١/ ٥٣) برقم (٢٣) من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه -رضي الله عنهما-، قال الإمام ابن منده عقب ذكره للحديث: "وهذا حديث ثابت أخرجه مسلم والجماعة، إلا البخاري لم يخرجه لأبي مالك الأشجعي، ومحله الصدق". [الإيمان لابن منده (١/ ١٧٦)].
(٤) كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب (ص ٢٦).
(٥) تيسير العزيز الحميد (ص ١١٣).