للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغيب من خصائص الرب تعالى، أو أحب الأولياء لأنهم يسمعون دعاء الغائبين فيشفعون لهم عند الله، أو أنهم ينفعون استقلالًا عن الله فقد عبدهم بالمحبة.

والنوع الثاني، وهي المحبة التي تؤدي إلى ترك الأوامر، وتضييع الواجبات، وارتكاب المنكرات، وإيثار محاب النفس والهوى والشيطان، على محاب الرب تعالى، وهذه المحبة لا يزول الإيمان بها، وإنما ينقص كماله الواجب، وهي مؤشر إلى الضعف في محبة الله تعالى الواجبة.

يقول الإمام ابن القيم: "وأما المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله وحده، ومتى أحب العبد بها غيره كان شركًا لا يغفره الله، فهي محبة العبودية المستلزمة للذل، والخضوع، والتعظيم، وكمال الطاعة، وإيثاره على غيره، فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلًا، وهي التي سوى المشركون بين آلهتهم وبين الله فيها كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥]، وأصح القولين أن المعنى: يحبونهم كما يحبون الله، وسووا بين الله وبين أندادهم في الحب، ثم نفى ذلك عن المؤمنين فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}، فإن الذين آمنوا وأخلصوا حبهم لله لم يشركوا به معه غيره، وأما المشركون فلم يخلصوا لله" (١).

ويقول رحمه الله في بيان المحبة الخاصة: "وهي محبة تقتضي تقديم المحبوب فيها على النفس، والمال، والولد، وتقتضي كمال اللذة،


= كما تدل عليه (من) الموضوعة في اللغة العربية للتبعيض، ومعلوم أن هذا يدخل فيه كل تدبير وتأثير وتقدير وتيسير. فأي فرد يبقى لله؟ وأي شيء اختص به؟ فافهم ما في هذه الأبيات من منافاة مقتضى الرسالة وصريح الآيات". [مصباح الظلام (ص ٢٠١ - ٢٠٢)].
(١) طريق الهجرتين (ص ٤٤٢)، وانظر: حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم (ص ٢٣٦).