للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الإمام ابن القيم: "فمحبة الله عز وجل أصل المحاب المحمودة وأصل الإيمان والتوحيد" (١).

ويقول رحمه الله: "فإن المحبة ثلاثة أقسام: محبة الله، والمحبة له وفيه، والمحبة معه؛ فالمحبة له وفيه من تمام محبته وموجباتها لا من قواطعها؛ فإن محبة الحبيب تقتضي محبة ما يحب، ومحبة ما يعين على حبه، ويوصل إلى رضاه وقربه، وكيف لا يحب المؤمن ما يستعين به على مرضاة ربه، ويتوصل به إلى حبه وقربه.

وأما المحبة مع الله فهي المحبة الشركية، وهي كمحبة أهل الأنداد لأندادهم كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥]، وأصل الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك في هذه المحبة، فإن المشركين لم يزعموا أن آلهتهم وأوثانهم شاركت الرب سبحانه في خلق السموات والأرض، وإنما كان شركهم بها من جهة محبتها مع الله، فوالوا عليها، وعادوا عليها، وتألهوها، وقالوا هذه آلهة صغار تقربنا إلى الإله الأعظم.

ففرق بين محبة الله أصلًا والمحبة له تبعًا والمحبة معه شركًا، وعليك بتحقيق هذا الموضع فإنه مفرق الطرق بين أهل التوحيد وأهل الشرك" (٢).

ويقول أيضًا: "وها هنا أربعة أنواع من الحب يجب التفريق بينها، وإنما ضلَّ من ضلَّ بعدم التمييز بينها: أحدهما: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابه، والفوز بثوابه، فإن المشركين، وعُبّاد الصليب، واليهود، وغيرهم يحبون الله.

الثاني: محبة ما يحب الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام، وتخرجه من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة، وأشدهم فيها.


(١) إغاثة اللهفان (٢/ ١٤٠).
(٢) روضة المحبين (ص ٢٩٣).