للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففسّر -سبحانه وتعالى- الفطرة بأنها: إقامة الوجه للدين حالة كونه حنيفًا، مائلًا عن الشرك إلى التوحيد، فهذه هي الفطرة التي خلق عليها الخلق جميعهم، وإقامة الوجه لله هو دين الإسلام، وهو الحنيفية، وإخلاص الدين له سبحانه وحده دون ما سواه، والحذر والابتعاد عن كل معبود بالباطل سواه سبحانه؛ من الأنداد، والأوثان، والأصنام، ولذا قال سبحانه في الآية الأخرى: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥)} [يونس: ١٠٥]، فجعل سبحانه إقامة الوجه للدين هو التوحيد والإخلاص وعدم الشرك بالله العظيم.

والمراد بالفطرة في الآية: دين الإسلام؛ لأن الله خلق الخلق عليه، إذ هو الذي تقتضيه عقولهم السليمة، وإنما كفر من كفر لعارض أخرجه عن أصل فطرته (١).

يقول الإمام السمعاني: "قوله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفًا)؛ أي: أخلص دينك لله وإقامة الوجه هو إقامة الدين" (٢).

وقال الإمام ابن رجب: "وكذلك فسر قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} بإخلاص القصد لله وإرادته لا شريك له" (٣).

ويقول الإمام البغوي في معنى: " {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}؛ أي: أخلص دينك لله قاله سعيد بن جبير، وإقامة الوجه: إقامة الدين، وقال غيره: سدد عملك، والوجه ما يتوجه إليه الإنسان، ودينه وعمله مما يتوجه إليه لتسديده (حَنِيفًا) مائلًا مستقيمًا عليه (فِطْرَتَ اللهِ): دين الله، وهو نصب على الإغراء؛ أي: الزم فطرة الله التي فطر الناس عليها ... وهذا قول ابن عباس وجماعة من المفسرين أن المراد بالفطرة الدين وهو الإسلام" (٤).


(١) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي (٣/ ١٢٢).
(٢) تفسير السمعاني (٤/ ٢٠٩).
(٣) جامع العلوم والحكم (ص ٢٠٥).
(٤) تفسير البغوي (٣/ ٤٨٢).