للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام الثعلبي (١) في معنى الآية: "إنّ الدّين الحنيفية فطرة الله الَّتي فَطرَ النَّاسَ عَلَيْهَا" (٢).

ويقول الإمام ابن تيمية مبينًا معنى الآية: "فأخبر أنه فطر عباده على إقامة الوجه حنيفًا: وهو عبادة الله وحده لا شريك له، فهذه من الحركة الفطرية الطبيعية المستقيمة المعتدلة للقلب" (٣).

وقال الإمام ابن القيم مفسرًا للآية: "فبين سبحانه أن إقامة الوجه: وهو إخلاص القصد، وبذل الوسع لدينه المتضمن محبته وعبادته، حنيفًا مقبلًا عليه، معرضًا عما سواه: هو فطرته التي فطر عليها عباده، فلو خلوا ودواعي فطرهم لما رغبوا عن ذلك، ولا اختاروا سواه، ولكن غيرت الفطر وأفسدت" (٤).

وقال الإمام ابن كثير في الآية: "يقول تعالى فسدد وجهك، واستمر على الدين الذي شرعه الله لك؛ من الحنيفية ملة إبراهيم، الذي هداك الله لها، وكملها لك غاية الكمال، وأن مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره" (٥).

ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في الآية: "إذ المعنى على التحقيق: لا تبدلوا فطرة الله التي خلقكم عليها بالكفر، فقوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠] خبر أريد به الإنشاء، إيذانًا بأنه لا ينبغي إلا أن


(١) هو: الإمام الحافظ العلامة شيخ التفسير أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، كان أحد أوعية العلم، وكان صادقًا موثقًا بصيرًا بالعربية، طويل الباع في الوعظ، له كتاب التفسير الكبير وكتاب العرائس في قصص الأنبياء، توفي سنة سبع وعشرين وأربع مئة. [ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١٧/ ٤٣٥ - ٤٣٧)].
(٢) تفسير الثعلبي (٧/ ٣٠١).
(٣) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٤٦).
(٤) مفتاح دار السعادة (٢/ ٨٧).
(٥) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٣٣)، وانظر: (٢/ ٢١٠).