للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمتثل حتى كأنه خبر واقع بالفعل لا محالة" (١).

وقال الشيخ السعدي في تفسير الآية: " (فأقم وجهك)؛ أي: انصبه ووجهه للدين الذي هو: الإسلام والإيمان والإحسان، بأن تتوجه بقلبك وقصدك وبدنك إلى إقامة شرائع الدين الظاهرة؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ونحوها، وشرائعه الباطنة؛ كالمحبة، والخوف، والرجاء، والإنابة، والإحسان في الشرائع الظاهرة والباطنة؛ بأن تعبد الله فيها كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

وخص الله إقامة الوجه؛ لأن إقبال الوجه تبع لإقبال القلب، ويترتب على الأمرين سعي البدن، ولهذا قال: (حنيفًا)؛ أي: مقبلًا على الله في ذلك، معرضًا عما سواه، وهذا الأمر الذي أمرناك به هو فطرة الله فطر الناس عليها" (٢).

ثانيًا: حديث عياض بن حمار المجاشعي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم في خطبته: (ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدًا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا ... ) (٣).

ويقول الإمام ابن تيمية في معناه: "فأخبر أنه خلقهم حنفاء، وذلك يتضمن معرفة الرب، ومحبته، وتوحيده، فهذه الثلاثة تضمنتها الحنيفية وهي معنى قول لا إله إلا الله" (٤).

ويقول الإمام ابن القيم: في معرض استدلاله بالحديث على أن


(١) أضواء البيان (١/ ٣٠٩).
(٢) تفسير السعدي (ص ٦٤١).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (٤/ ٢١٩٧)، برقم (٢٨٦٥).
(٤) مجموع الفتاوى (١٦/ ٣٤٥).