للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنفس الفطرة تستلزم الإقرار والمحبة وليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك؛ لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلًا بحيث يخرجان الفطرة عن القبول وإنما المراد أن كل مولود يولد على إقراره بالربوبية فلو خلي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه الصارف ومن ثم شبهت الفطرة باللبن بل كانت إياه في تأويل الرؤيا والله أعلم" (١).

يقول الإمام ابن تيمية: "وإذا قيل إنه ولد على فطرة الإسلام، أو خلق حنيفًا، ونحو ذلك، فليس المراد به: أنه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين، ويريده؛ فإن الله تعالى يقول: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: ٧٨]، ولكن فطرته مقتضية، موجبة لدين الإسلام، لمعرفته ومحبته" (٢).

ويقول المناوي: "والحاصل أن الإنسان مفطور على التهيؤ للإسلام بالقوة، لكن لا بد من تعلمه بالفعل، فمن قدر الله كونه من أهل السعادة قيض الله له من يعلمه سبيل الهدى، فصار مهذبًا بالفعل، ومن خذله وأشقاه سبب له من يغير فطرته، ويثني عزمته، والله سبحانه هو المتصرف في عبيده كيف يشاء" (٣).

ويقول الألوسي: "فإن الجبلة الإنسانية في أصل الفطرة سليمة، متهيئة لقبول الحق؛ لقضية: كل مولود يولد على الفِطْرَة، فهو في بقاع التمكن على الهدى والدين" (٤).


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر (٣/ ٢٤٩).
(٢) درء التعارض (٨/ ٣٨٣).
(٣) فيض القدير (٥/ ٣٤).
(٤) روح المعاني (٩/ ١٢٦).