للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثابت في النفوس، وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية؛ كالتقليد" (١).

وإلى هذا مال أبو العباس القرطبي حيث قال: "المعنى: أن الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات، فما دامت باقية على ذلك القبول، وعلى تلك الأهلية أدركت الحق. ودين الإسلام هو الدين الحق" (٢).

وقال الإمام النووي: "والأصح أن معناه: أن كل مولود يولد متهيئًا للإسلام؛ فمن كان أبواه أو أحدهما مسلمًا استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا، وهذا معنى يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه؛ أي: يحكم له بحكمهما في الدنيا، فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما، فإن كانت سبقت له سعادة أسلم، وإلا مات على كفره" (٣).

"وقال ابن الأثير في معنى حديث الفطرة: "والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلة، والطبع المتهيء لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل عنه من يعدل لَافة من آفات البشر والتقليد" (٤).

وقال ابن القيم ليس المراد بقوله يولد على الفطرة أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين؛ لأن الله يقول والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر (٣/ ٢٤٩).
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٦/ ٦٧٦). وانظر: طرح التثريب (٢/ ٦٩).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (١٦/ ٢٠٨).
(٤) النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٤٥٧)، وانظر: مهمات التعاريف للمناوي (ص ٥٦٠)، والتعريفات للجرجاني (ص ٢١٥).