للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول لا إله إلا اللَّه؛ فإن الإله هو المألوه المعبود بالمحبة، والخشية، والإجلال، والتعظيم، وجميع أنواع العبادة، ولأجل هذا التوحيد خلقت الخليقة، وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة وأشقياء أهل النار، قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)} [البقرة: ٢١] فهذا أول أمر في القرآن" (١).

رابعًا: هذا النوع من التوحيد هو أصل الإسلام، وأساس الإيمان، وأول ما يؤمر به العبد، وهو ميزان الأعمال صحة وفسادًا.

يقول الإمام ابن تيمية: "والمقصود هنا أن السلف والأئمة متفقون على أن أول ما يؤمر به العباد الشهادتان" (٢).

وشهادة أن لا إله إلا اللَّه دالة على توحيد العبادة بالمطابقة (٣).

ويقول الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيما لخصه من المسائل عن شيخ الإسلام: "وعلم بالاضطرار من دين الرسول، واتفقت عليه الأمة: أن أصل الإسلام، وأول ما يؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وشهادة أن محمدًا رسول اللَّه، فبه يصير الكافر مسلمًا، والعدو وليًا، ثم إن كان من قلبه دخل في الإيمان، وإن قاله بلسانه دون قلبه فهو في ظاهر الإسلام" (٤).


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ٢٨).
(٢) درء التعارض (٨/ ١١).
(٣) دلالة المطابقة: هي دلالة اللفظ على تمام معناه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق.
(٤) مسائل لخصها الإمام محمد بن عبد الوهاب (ص ١٤٩).