للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن القيم: "فأخبر سبحانه أنه القصد بالخلق والأمر: أن يعرف بأسمائه وصفاته، ويعبد وحده لا يشرك به، وأن يقوم النّاس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به السموات والأرض" (١).

ثالثًا: ومما يبيِّن منزلة هذا التوحيد أن اللَّه تعالى بعث جميع الأنبياء والمرسلين بهذا التوحيد، توحيد العبادة، فلم يأت رسول إلى قومه يدعوهم إلى الاعتراف بوجود اللَّه تبارك وتعالى، وأنه الخالق القادر المحيي والمميت، وإنما تتابعت الأنبياء والرسل من أولهم إلى آخرهم بهذا التوحيد، ويكفيه شرفًا هذه المنزلة التي جعلته في مقدمة دعوات الأنبياء، وأولى مهام رسالاتهم (٢).

يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦] وقوله تبارك وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥].

ومعنى: فاعبدون في الآية؛ أي: وحدون (٣).

فهذا الأصل وهو توحيد العبادة هو أصل الدين الذي لا يقبل اللَّه من الأولين والآخرين دينًا غيره، وبه أرسل اللَّه الرسل وأنزل الكتب (٤).

يقول الشيخ السعدي في الآية: "فكل الرسل الذين من قبلك مع كتبهم؛ زبدة رسالتهم، وأصلها الأمر بعبادة اللَّه وحده لا شريك له، وبيان أنه الإله الحق المعبود، وأن عبادة ما سواه باطلة" (٥).

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ في بيان ما سبق من أهمية:


(١) الجواب الكافي لابن القيم (ص ٨٩)، وانظر: التوضيح عن توحيد الخلاق (ص ٥).
(٢) لمزيد من التوضيح. انظر: قاعدة: (النزاع بين الرسل وأقوامهم ... ) (ص ٢٢٠).
(٣) انظر: تفسير السمعاني (٣/ ٣٧٥).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (١/ ١٥٤).
(٥) تفسير السعدي (ص ٥٢١).