للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحرمات، والثالث الحريص على الخيرات والطاعات، التارك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.

يقول ابن الأثير في أقسام المذكورين في الآية: "وهذه قسمة صحيحة؛ فإنه لا يخلو أقسام العباد من هذه الثلاثة؛ فإما عاص ظالم لنفسه، وإما مطيع مبادر إلى الخيرات، وإما مقتصد بينهما" (١).

ويقول الإمام ابن تيمية: "فالقول الجامع أن الظالم لنفسه: هو المفرط بترك مأمور أو فعل محظور، والمقتصد: القائم بأداء الواجبات وترك المحرمات، والسابق بالخيرات: بمنزلة المقرب الذي يتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض حتى يحبه الحق" (٢).

وقال -رحمه الله- أيضًا: "وهذا التقسيم لأمة محمد فالظالم لنفسه: أصحاب الذنوب المصرون عليها، ومن تاب من ذنبه؛ أي: ذنب كان توبة صحيحة لم يخرج بذلك عن السابقين، والمقتصد: المؤدي للفرائض المجتنب للمحارم، والسابق للخيرات: هو المؤدي للفرائض والنوافل كما في تلك الآيات، ومن تاب من ذنب؛ أي ذنب كان توبة صحيحة لم يخرج بذلك عن السابقين والمقتصدين" (٣).

وقال الحافظ ابن كثير مبينًا تفاوت الناس في تحقيق التوحيد: "ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع فقال تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}: وهو المفرط في فعل بعض الواجبات المرتكب لبعض المحرمات، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}: وهو المؤدي للواجبات التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات ويفعل بعض المكروهات، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}: وهو الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات، وبعض المباحات" (٤).


(١) المثل السائر لابن الأثير (٢/ ٢٨٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٥/ ١٦١).
(٣) مجموع الفتاوى (١١/ ١٨٣).
(٤) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٥٥ - ٥٥٦).