للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ السعدي: "وهم هذه الأمة؛ فمنهم ظالم لنفسه بالمعاصي التي هي دون الكفر، ومنهم مقصد مقتصر على ما يجب عليه تارك للمحرم، ومنهم سابق بالخيرات؛ أي: سارع فيها واجتهد فسبق غيره، وهو المؤدي للفرائض المكثر من النوافل التارك للمحرم والمكروه، فكلهم اصطفاه الله تعالى لوراثة هذا الكتاب وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته حتى الظالم لنفسه فإنه ما معه من أصل الإيمان وعلوم الإيمان وأعمال الإيمان من وراثة الكتاب؛ لأن المراد بوراثة الكتاب وراثة علمه، وعمله، ودراسة ألفاظه، واستخراج معانيه" (١).

ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "وأظهر الأقوال في المقتصد والسابق والظالم، أن المقتصد: هو من امتثل الأمر واجتنب النهي ولم يزد على ذلك، وأن السابق بالخيرات: هو من فعل ذلك وزاد بالتقرب إلى الله بالنوافل، والتورع عن بعض الجائزات خوفًا من أن يكون سببًا لغيره، وأن الظالم هو المذكور في قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٢] والعلم عند الله تعالى" (٢).

وقال الشيخ حافظ الحكمي: "فقسم تعالى الناجين منهم إلى مقتصدين: وهم الأبرار أصحاب اليمين الذين اقتصروا على التزام الواجبات واجتناب المحرمات، فلم يزيدوا على ذلك ولم ينقصوا منه، وإلى سابق بالخيرات: وهم المقربون الذين تقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض، وتركوا ما لا بأس به خوفًا مما به بأس، وما زالوا يتقربون إلى الله تعالى بذلك حتى كان سمعهم الذي يسمعون به وبصرهم الذي يبصرون به إلى آخر معنى الحديث السابق، فبه يسمعون، وبه يبصرون،


(١) تفسير السعدي (ص ٦٨٩).
(٢) أضواء البيان (١/ ٤١٧)، (٥/ ٤٩٠).