للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصنام، وهو توحيد الربوبية، وهو الاعتراف بأنه لا خالق إلا الله، ولو أنجى هذا التوحيد وحده لأنجى عباد الأصنام، والشأن في توحيد الإلهية الذي هو الفارق بين المشركين والموحدين.

والمقصود أن من لم يشرك بالله شيئًا يستحيل أن يلقى الله بقراب الأرض خطايا، مصرًا عليها، غير تائب منها، مع كمال توحيده الذي هو غاية الحب، والخضوع، والذل، والخوف، والرجاء للرب تعالى" (١).

ويقول الإمام ابن رجب: "ما يحتاج إلى التطهير بنار جهنم إلا من لم يكمل تحقيق التوحيد والقيام بحقوقه" (٢).

ويقول -رحمه الله-: "فإذا تحقَّق القلبُ بالتَّوحيد التَّامَ، لم يبق فيه محبةٌ لغير ما يُحبُّه الله، ولا كراهة لغير ما يكرهه الله، ومن كان كذلك، لم تنبعثْ جوارحُهُ إلّا بطاعة الله، وإنَّما تنشأ الذُّنوب من محبَّة ما يكرهه الله، أو كراهة ما يُحبه الله، وذلك ينشأ من تقديم هوى النَّفس على محبَّة الله وخشيته، وذلك يقدحُ في كمال التَّوحيد الواجبِ، فيقعُ العبدُ بسبب ذلك في التَّفريط في بعض الواجبات، أو ارتكابِ بعضِ المحظوراتِ، فأَمَّا من تحقَّق قلبُه بتوحيدِ الله، فلا يبقى له همٌّ إلا في الله وفيما يُرضيه به" (٣).

ويقول المناوي: "التوحيد المحض الخالص عن شوائب الشرك لا يبقى معه ذنب، فإنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب فلو لقي الموحد المخلص ربه بقراب الأرض خطايا قابله بقرابها مغفرة؛ فإن نجاسة الذنوب عارضة والدفع لها قوي فلا تثبت معه خطيئة" (٤).

وعليه فليس من شرط المحقق للتوحيد ألا يقع في المعاصي أبدًا،


(١) مدارج السالكين (١/ ٣٢٦ - ٣٢٧)، وانظر: إغاثة اللهفان (١/ ٦٤).
(٢) كلمة الإخلاص (ص ٣٩).
(٣) جامع العلوم والحكم (ص ٣٦٦).
(٤) فيض القدير (٣/ ٣٨٨).