للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢]: "ومن الدلالة على أن الألوهة للّه الواحد القهار، خالصة دون كل ما سواه: أنه يميت ويحيي، ويفعل ما يشاء، ولا يقدر على ذلك شيء سواه، فجعل ذلك خبرًا نبههم به على عظيم قدرته، فقال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢]؛ فيقبضها عند فناء أجلها، وانقضاء مدة حياتها، ويتوفى أيضًا التي لم تمت في منامها كما التي ماتت عند مماتها، {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} [الزمر: ٤٢] ... " (١).

فكونه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- متصفًا بصفات الربوبية من الخلق والإحياء والإماتة جعل له الاستحقاق الكامل دون غيره للتأله والتعبد، وهذا هو توحيد الإلهية، كما قال سبحانه: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)} [النحل: ١٧].

ويبين الإمام ابن القيم أن الإلهية التي دعت الرسل أممهم إلى توحيد الرب بها هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون، فاحتج اللَّه عليهم به؛ فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية (٢).

يقول الألولسي (٣) في "تفسيره": "فإن توحيد الربوبية يشير إلى توحيد الألوهية؛ بناء على أن اختصاص الربوبية به -عَزَّ وَجَلَّ- علة لاختصاص الألوهية، واستحقاق المعبودية به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، وقد ألزم جلَّ وعلا الوثنية


= وسير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٦٧)، والبداية والنهاية، لابن كثير (١١/ ١٥٦)، وشذرات الذهب (٢/ ٢٦٠)، وطبقات المفسرين (ص ٩٥).
(١) تفسير الطبري (٢٤/ ٨).
(٢) انظر: إغاثة اللهفان (٢/ ١٣٥).
(٣) هو: محمد شهاب الدين بن عبد اللَّه الحسيني الألوسي أبو الثناء، ولد عام ١٢١٧ هـ، عالم جليل، له عناية بعلم الحديث وأصوله، وبرع في التفسير: من مؤلفاته: روح المعاني في تفسير القرآن، توفي عام ١٢٧٠ هـ. [انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي (٧/ ١٧٦)، ومعجم المؤلفين لرضا كحالة (٣/ ٨١٥)].