للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج من العدم إلى الوجود فهو الذي يستحق أن يعبد" (١).

ويقول الواحدي (٢): {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: ٢٢]: أندادًا: أمثالًا من الأصنام التي تعبدونها وأنتم تعلمون أنهم لا يخلقون، والله هو الخالق، وهذا احتجاج عليهم في إثبات التوحيد" (٣).

والمقصود إثبات توحيد الألوهية؛ لأنهم أقروا واعترفوا بتوحيد الربوبية.

ولذا عقد الإمام البيهقي بابًا في كتابه الكبير "شعب الإيمان" أشار فيه إلى أن الإقرار بتوحيد الربوبية حجة نبَّه الله تعالى بها إلى إفراده بالعبادة فقال -رحمه الله-: "الثالث والثلاثون من شعب الإيمان، وهو باب (في تعديد نعم الله - عز وجل - وما يجب من شكرها" قال الله - عز وجل - فيما عدد على عباده من نعمه، ونبههم بذلك على ما يلزمهم من عبادته، تعظيمًا له وشكرًا: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} [البقرة: ٢١، ٢٢] " (٤).

ويقول الإمام ابن القيم في تفسير آية البقرة: "ثم قال: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} فتأمل هذه النتيجة وشدة لزومها لتلك المقدمات قبلها، وظفر العقل بها بأول وهلة، وخلوصها من كل


(١) تفسير ابن عطية (٤/ ٤٥١).
(٢) هو: علي بن أحمد به محمد بن علي أبو الحسن الواحدي النيسابوري، كان واحد عصره في التفسير، وكان حقيقًا بكل احترام وإعظام، لازم أبا إسحاق الثعلبي، وتصدر للإفادة وللتدريس مدة، وله شعر حسن، صنف التصانيف الثلاثة في التفسير البسيط والوسيط والوجيز، وأسباب النزول، وشرح ديوان المتنبي، وغيرها، توفي سنة ثمان وستين وأربعمائة. [ترجمته في: طبقات المفسرين (ص ٧٨ - ٧٩)، وطبقات الشافعية الكبرى (٥/ ٢٤٠ - ٢٤١)].
(٣) تفسير الواحدي (١/ ٩٥).
(٤) شعب الإيمان (٤/ ٨٥).