للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظيم، ومن بيده ملكوت كل شيء، ومن خلق السموات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ومن أنزل من السماء ماء، ومن خلقهم -في الآيات التي تليت فيما تقدم- على وحدانية الألوهية" (١).

ولكن المشركين لفساد عقولهم، وحقارة أفهامهم، وسقامة قلوبهم لم يتوصلوا إلى تحقيق توحيد العبادة، ولا وصلوا إلى تلك النتيجة التي هي ملزومة لإقرارهم بتوحيد الربوبية، وهو لازم لها.

يقول الشيخ الأمين الشنقيطي بعد ذكره جملة من الآيات السابقة: "فهذه الآيات تبين أن الذي يستحق أن يعبد هو من يخلق الخلق، ويبرزهم من العدم إلى الوجود، أما غيره فهو مخلوق مربوب، محتاج إلى من يخلقه ويدبر شؤونه" (٢).

وقال - رحمه الله -: "لأن من تأتى من قبله البركات والخيرات، ويدرّ الأرزاق على الناس، هو وحده المتفرّد بالعظمة، واستحقاق إخلاص العبادة له، والذي لا تأتي من قبله بركة، ولا خير، ولا رزق، كالأصنام وسائر المعبودات من دون الله لا يصحّ أن يعبد، وعبادته كفر مخلّد في نار جهنّم" (٣).

ويقول الشيخ السعدي: "أما الدليل العقلي: فإنه قد علم كل أحد حتى هؤلاء الذين جادلهم إبراهيم، أن الله وحده الخالق لجميع المخلوقات من بني آدم، والملائكة، والجن، والبهائم، والسموات والأرض، المدبر لهن بجميع أنواع التدبير، فيكون كل مخلوق مفطورًا، مدبرًا، متصرفًا فيه، ودخل في ذلك جميع ما عبد من دون الله، أفيليق عند من له أدنى مسكة من عقل، وتمييز أن يعبد مخلوقًا مُتَصَرَفًا فيه، لا يملك نفعًا، ولا ضرًا، ولا موتًا، ولا حياة، ولا نشورًا، ويدع عبادة


(١) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص ٤٤٣).
(٢) أضواء البيان (٢/ ٣٣٠).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٤).