للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخالق الرازق المدبر" (١).

ويقول أيضًا في تفسير قوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)} [يس: ٢٢]: "أي: وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة؛ لأنه الذي فطرني، وخلقني، ورزقني، وإليه مآل جميع الخلق فيجازيهم بأعمالهم، فالذي بيده الخلق، والرزق، والحكم بيد العباد في الدنيا والآخرة، هو الذي يستحق أن يعبد، ويثنى عليه، ويمجد، دون من لا يملك نفعًا، ولا ضرًّا، ولا عطاء، ولا منعًا، ولا موتًا، ولا حياة، ولا نشورًا" (٢).

ثالثًا: دليل الفطرة التي فطر الله عليها الخلق؛ فإن الله فطر عباده على فطرة تضمنت الإقرار به ومعرفته كما تضمنت محبته والذل له وتوحيده؛ والإقرار والمعرفة سابقة للمحبة والتوحيد وهي فرع عن الإقرار والمعرفة في ذات الفطرة، فدل ذلك على أن الإقرار والمعرفة هما الاصل لما يأتي بعدهما من المحبة والذل والخضوع والتوحيد.

يقول الإمام ابن تيمية: "ومن المعلوم أن وجود حب الله، وخشيته، والرغبة إليه، وتألهه في القلب، فرع وجود الإقرار به، وهذا الثاني مستلزم للأول؛ فإذا كان هذا يكون ضروريًا في القلب، فوجود الإقرار السابق عليه اللازم له أولى أن يكون ضروريًا، فإن ثبوت الملزوم لا يكون إلا مع ثبوت اللازم" (٣).

والملزوم هو حب الله وخشيته والرغبة إليه وتألهه، واللازم هو الإقرار والمعرفة به - سبحانه وتعالى -، فإذا ثبت الملزوم ثبت اللازم، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم (٤).


(١) تفسير السعدي (ص ٥٢٦).
(٢) المصدر نفسه (ص ٦٩٤).
(٣) درء التعارض (٣/ ١٣٧).
(٤) انظر: قاعدة التلازم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية (ص ٤١٧).