للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن ألفاظ الأذكار توقيفية، فلا يدخلها القياس، بل يجب المحافظة على اللفظ الذي جاءت به الرواية؛ إذ ربما كان فيه خاصية وسر لا يحصل بغيره" (١).

ويقول المناوي في معنى حديث البراء: "لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في نفس اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر ولو كان مرادفه في الظاهر، أو لعله أوحي إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده" (٢).

وأما ما كان من الأذكار التي لم ترد بها السُّنَّة، ولا فعلها الصحابة -رضي الله عنهم- فهذه يحرم فعلها والتزامها، وهي من المحدثات والبدع التي لا خير فيها بلا شك.

يقول الإمام ابن تيمية: "وما سواها من الأذكار، قد يكون محرَّمًا، وقد يكون مكروهًا، وقد يكون فيه شرك ما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها.

وليس لأحد أن يسن للناس نوعًا من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس، بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به، بخلاف ما يدعو به المرء أحيانًا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرمًا لم يجز الجزم بتحريمه، لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به، وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت، فهذا وأمثاله قريب.

وأما اتخاذ ورد غير شرعي، واستنان ذكر غير شرعي فهذا مما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية، والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة، ونهاية المقاصد العلية، ولا يعدل عنها إلى غيرها


(١) فتح المغيث (٢/ ٣٠٠).
(٢) فيض القدير (٢/ ١٢٢).