منه؛ سواء كانت تعبدية أم جبلية وعادية، والتي فعلها -صلى الله عليه وسلم- بحكم الاتفاق بدون تقصد لقربة أو نية لتعبد؟.
وبمعنى آخر: متى يكون فعله -صلى الله عليه وسلم- عبادة شرعية، وتكون أمته من بعده متعبَّدة لله تعالى باتباعه والتأسي به فيها، ويترتب على ذلك الثواب والعقاب.
ولقد بذل العلماء -لا سيما علماء الأصول- جهدًا كبيرًا في بحث هذه المسألة واستقصاء أحوالها الشائكة مع كثرتها وتشابهها ضمن كلامهم على أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- عمومًا، فتكلموا على أنواعها، وأحوالها، وتقاسيمها، ولأجل توضيح المسألة أذكر لمحة سريعة مختصرة فيما يتعلق بأفعاله -صلى الله عليه وسلم- (١)، مع العلم أن بعضها ليس موضع اتفاق بين أهل العلم، بل وقع فيها الخلاف بينهم.
يقول الدكتور الأشقر ملخصًا أحوال أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فعل
النبي -صلى الله عليه وسلم-: إما متعلق بغيره وهو الفعل المتعديّ، أو قاصر عليه. وفعله
القاصر عليه إما أن يصدر عنه لداعي الجبلة، أو اتباعًا للعادة، أو لتقديره فيه منفعة أو دفع مضرة، أو هو تابع للشرع. وفعله التابع للشرع إما معجز أو غير معجز. وفعله غير المعجز إما أن يفعله لأنه مطلوب منه خاصة وهي الخصائص النبوية، أو هو مشترك بيننا وبينه. والمشترك إما أن يعلم أنه متعلق بوحي معين، يفعله بغرض تبيين مجمل في ذلك الوحي أو مشكل وارد فيه، أو لمجرد امتثال الأمر الإلهي في ذلك الوحي، وإما أنه لا يعلم تعلقه بوحي معين، والذي لا يعلم تعلقه به إما أن يفعله مؤقتًا لانتظار الوحي، وإما أن يفعله على غير ذلك الوجه، وهو
(١) لقد بحث علماء الأصول في كتبهم أفعاله -صلى الله عليه وسلم- وما يتعلق بها من المتابعة والتأسي والموافقة والمخالفة، وما يترتب عليها من أحكام من الوجوب والندب والإباحة؛ وذلك لكوننا متعبدين باتباعه -صلى الله عليه وسلم- والتأسي به في أفعاله.