للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلا شك إلى تبديل الشريعة، واعتقاد ما ليس بعبادة أنه عبادة، وما ليس بسنَّة أنه سُنَّة، ويجري الأمر في جانب الترك كذلك، فيعتقد فيما تركه النبي -صلى الله عليه وسلم- على جهة العادة أو العرف أنه عبادة يتقرب إلى الله بها، ولا شك أن هذا من أعظم أسباب الولوج في البدع، وعمله مردود عليه.

يقول الإمام ابن تيمية في مسألة النذر بالمباحات: "كذلك لا يؤمر الناذر أن يفعلها، فمن فعلها على وجه التعبد بها، والتقرب، واتخاذ ذلك دينًا وطريقًا إلى الله تعالى فهو ضال جاهل، مخالف لأمر الله ورسوله، ومعلوم أن من يفعل ذلك من نذر اعتكافًا ونحو ذلك إنما يفعله تدينًا، ولا ريب أن فعله على وجه التدين حرام؛ فإنه يعتقد ما ليس بقربة قربة، ويتقرب إلى الله تعالى بما لا يحبه الله، وهذا حرام، لكن من فعل ذلك قبل بلوغ العلم إليه فقد يكون معذورًا بجهله إذا لم تقم عليه الحجة فإذا بلغه العلم فعليه التوبة" (١).

ويقول أيضًا فيما يتعلق بالسفر إلى القبور بقصد العبادة: "والسفر إلى القبور إنما يقصد به العبادة، والعبادة إنما تكون بواجب أو مستحب، فإذا حصل الاتفاق على أن السفر إلى القبور ليس بواجب ولا مستحب كان من فعله على وجه التعبد مبتدعًا مخالفًا للإجماع، والتعبد بالبدعة ليس بمباح، لكن من لم يعلم أن ذلك بدعة فإنه قد يعذر، فإذا بينت له السُّنَّة لم يجز له مخالفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا التعبد بما نهى عنه" (٢).

ويقول ابن رجب: "فأما العبادات فما كان منها خارجًا عن حكم الله ورسوله بالكلية فهو مردود على عامله، وعامله يدخل تحت قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}


(١) مجموع الفتاوى (٢٥/ ٢٩٣).
(٢) المصدر نفسه (٢٧/ ٣٣٥ - ٣٣٦).