للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول أيضًا في قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٣٢)} [الأحزاب: ٣٢]: "فهذا دليل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد؛ فإن الخضوع بالقول واللين فيه في الأصل مباح، ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم منع منه" (١).

رابعًا: ما رواه ثابت بن الضحاك (٢) -رضي الله عنه-، قال: (نذر رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلًا بِبُوَانَة (٣)، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نذرت أن أنحر إبلًا بِبُوَانَة، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوف بنذرك؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم") (٤).

يقول الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في معنى الحديث: "ففيه المنع من عبادة الله في أماكن الشرك وعبادة غيره؛ للمشابهة الصورية، وإن لم تقصد، فكيف بالذرائع والوسائل القريبة المفضية إلى عين الشرك، ونفس المحذور الأكبر! (٥).


(١) المصدر نفسه (ص ٦٦٤).
(٢) هو: الصحابي الجليل ثابت بن الضحاك بن خليفة الأنصاري شهد بيعة الرضوان والحديبية، ولد سنة ثلاث من البعثة وتوفي سنة ٦٤ هـ. [الإصابة (١/ ٥٠٧)].
(٣) بُوَانَة: بضم الباء الموحدة وبعد الألف نون على بناء فعالة: موضع بين الشام وديار بني عامر، وقيل: موضع أسفل مكة دون يلملم، وقيل: هضبة من وراء ينبع. [انظر: معجم ما استعجم، لأبي عبيد (١/ ٢٨٣)، وتلخيص الحبير، لابن حجر (٤/ ١٨٠)].
(٤) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأيمان والنذور، باب: ما يؤمر به من الوفاء بالنذر (٣/ ٢٣٨)، برقم (٣٣١٣)، وقال ابن تيمية: "أصل هذا الحديث في "الصحيحين"، وهذا الإسناد على شرط الصحيحين وإسناده كلهم ثقات مشاهير، وهو متصل بلا عنعنة"، اقتضاء الصراط المستقيم (ص ١٨٦)، وصحح إسناده ابن حجر في التلخيص الحبير (٤/ ١٨٠)، وابن الملقن في خلاصة البدر المنير (٢/ ٤٢٢)، وحسن طرقًا أخرى له.
(٥) منهاج التأسيس والتقديس، لعبد اللطيف آل الشيخ (ص ٢٤٢).