للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعُلَمَاءُ فِي بَعْضِ رُتَبِ الْمَفَاسِدِ، فَيَخْتَلِفُونَ فِيمَا يُدْرَأُ مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ دَفْعِ جَمِيعِهَا، وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ" (١).

رابعًا: لا شك أن من أعظم مقاصد الدين، وأفرض واجباته عبادة الله تعالى وحده كما شرع، والحفاظ على الشريعة بعدم الزيادة أو النقصان منها، أو الإحداث والتعبد لله تعالى بالبدع، والقاعدة نصت على أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فكل وسيلة أدت إلى تثبيت هذا المقصود العظيم كان تحصيلها والقيام بها واجبًا على أهل الإسلام، والعكس بالعكس.

والبدع من أعظم الوسائل التي يتم بها تبديل الدين، وتحريفه، وإدخال ما ليس منه فيه، وفتح باب التعبد لله بغير ما شرع، فهي ذريعة عظيمة، ووسيلة إلى إضاعة المشروع، وإحلال غيره محله.

فإنكار البدع وردها وتحريمها، وعقوبة المبتدع من أعظم الوسائل إلى تحقيق هذا المقصود الأكبر، والغاية الأسمى؛ من حفظ الدين وعبادة الله وفق ما شرع (٢).

خامسًا: دلت القاعدة على أن الوسائل المشروعة أو الجائزة لها حكم المقاصد الشرعية التي اعتبرها الشارع وحافظ عليها، وهذا يخرج الوسائل المحرمة فلا يجوز اتخاذ الوسائل المحرمة والممنوعة في سبيل تحقيق المقصد الشرعي، أو الغاية الحميدة؛ لأن حسن الغايات والمقاصد لا يبيح استعمال الوسائل الممنوعة، بل ما من مقصد شرعي إلا وله وسيلة مشروعة أو جائزة.

يقول الشيخ صالح الفوزان فيما يستفاد من قصة (ذات أنواط) (٣):


(١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام (١/ ٤٦).
(٢) انظر: مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية، د. اليوبي (ص ٣٣٩ - ٣٤٠).
(٣) تقدم تخريجه (ص ٢٣٣).