للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وفيه -أيضًا- مسألة مهمة: وهي أن حُسن المقاصد لا يغير من الحكم الشرعي شيئًا، هؤلاء لهم مقصد حسن، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعتبر مقاصدهم، بل أنكر هذا؛ لأن الوسائل التي تُفضي إلى المحاذير ممنوعة (١)، صحابي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمل السيف للجهاد، ما قصد إلا الخير هو ومن معه، ومع هذا غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- عند مقالتهم، وجعلها مثل مقالة بني إسرائيل، فدلّ على أن المقاصد الحسنة لا تبرِّر الغايات السيّئة والمنكرة" (٢).

وهذا يدل على أن الوسائل غير محصورة بعدد، بل كل ما كان وسيلة إلى مقصود شرعي كان حكمها بحسب مقصدها شريطة أن تكون الوسيلة جائزة وغير محرمة شرعًا.

يقول الشيخ العثيمين: "والوسائل ليس لها حد شرعي، فكل ما أدى إلى المقصود فهو مقصود ما لم يكن منهيًا عنه بعينه، فإن كان منهيًا عنه بعينه فلا نقربه، فلو قال قائل: أنا أريد أن أدعو شخصًا بالغناء والموسيقى؛ لأنه يطرب لها ويستأنس بها، وربما يكون هذا جذبًا له، فأدعوه بالموسيقى والغناء. هل نبيح له ذلك؟ لا؛ لا يجوز أبدًا؛ لكن إذا كانت وسيلة لم يُنْهَ عنها، ولها أثر فهذه لا بأس بها، فالوسائل غير المقاصد، وليس من اللازم أن يَنصَّ الشرع على كل وسيلة بعينها؛ يقول: هذه جائزة، وهذه غير جائزة، لأن الوسائل لا حصر لها، ولا حد لها، فكل ما كان وسيلة لخير فهو خير" (٣).


(١) سؤالهم -رضي الله عنهم- للتبرك الذي هو وسيلة وليس مقصدًا شرعيًا، ومقصدهم كان النصر على الأعداء.
(٢) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ١٦٢).
(٣) لقاء الباب المفتوح، للشيخ ابن عثيمين (لقاء الباب المفتوح ١٥/ ٤٩ - ٥٠)، (١٥/ ٢١).