للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك الغير بمن لا شبيه له، ولا ند له وذلك أقبح التشبيه وأبطله.

فمن أعطى حبه، وذله، وخضوعه لغير الله فقد شبهه به في خالص حقه، فمن خصائص الإلهية السجود؛ فمن سجد لغيره فقد شبه المخلوق به، ومنها التوكل؛ فمن توكل على غيره فقد شبهه به، ومنها التوبة؛ فمن تاب لغيره فقد شبهه به، ومنها الحلف باسمه تعظيمًا وإجلالًا؛ فمن حلف بغيره فقد شبهه به" (١).

ومن أجل هذا التشبيه الشنيع الواقع من المشركين حرَّم الله تعالى الشرك، وجعله من أكبر الجرائم، وأعظم المحرمات، وأفظع الظلم الذي تتفطر له السموات، وتنشق له الأرضون، وتتفتت من قبحه وشناعته الجبال الرواسي.

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: "فمن صرف شيئًا من العبادات لغير الله فقد أشرك به شركًا يبطل التوحيد وينافيه؛ لأنه شبه المخلوق بالخالق، وجعله في مرتبته؛ ولهذا كان أكبر الكبائر على الإطلاق، ولما فيه من سوء الظن به تعالى" (٢).

ويقول الشيخ حافظ الحكمي: "فكيف بالقول على الله بلا علم في إلهيته، وربوبيته، وأسمائه، وصفاته: من تشبيه خلقه به، أو تشبيهه لخلقه في اتخاذ الأنداد معه، وصرف العبادة لهم، وإن اعتقاد تصرفهم في شيء من ملكوته تشبيه للمخلوق بالخالق، كما أن تمثيل صفاته تعالى بصفات خلقه تشبيه للخالق بالمخلوق، وكِلا التشبيهين كفر بالله عزَّ وجلَّ أقبح الكفر، وقد نَزَّه الله تعالى نفسه عن ذلك كله في كتابه" (٣).

ويقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله- في


(١) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم (٩٤ - ٩٥).
(٢) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (٣/ ٣٢٢).
(٣) معارج القبول (١/ ٣٦٤).