للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)} [سبأ: ٢٧]، وهم قد ألحقوا وشْبهوا شركاءهم وأندادهم بالله تعالى، وقد بين سبحانه في هذه الآية أنه لا يعبد أحد لاستحقاقه العبادة غيره عزَّ وجلّ؛ إذ هو المعبود لذاته، الذي ليس كمثله شيء (١).

يقول الإمام ابن كثير: "أي: أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أندادًا، وصيرتموها له عدلًا، (كَلَّا)؛ أي: ليس له نظير، ولا نديد، ولا شريك، ولا عديل" (٢).

والشركاء جمع شريك وهو النظير والمثيل والشبيه.

وقال الألوسي: "والمراد أرونيهم لأنظر بأي صفة الحقتموهم بالله عزَّ وجلّ الذي ليس كمثله شيء في استحقاق العبادة، أو ألحقتموهم به سبحانه جاعليهم أو مسميهم شركاء" (٣).

فعبادتهم للشركاء تشبيه لشركائهم بالله تعالى في العبادة، وهذا ما يفيده لفظ الإلحاق (٤).

يقول الشيخ الشنقيطي: "أمر الله جلَّ وعلا نبيّه -صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية الكريمة أن يقول لعبدة الأوثان: أروني أوثانكم التي ألحقتموها بالله شركاء له في عبادته كفرًا منكم وشركًا وافتراء. وقوله: {أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ}، لأنَّهم إن أروه إيّاها تبيّن برؤيتها أنها جماد لا ينفع ولا يضرّ، واتّضح بُعْدها عن صفات الألوهية، فظهر لكل عاقل برؤيتها


(١) انظر: تفسير الرازي (٢٥/ ٢٢٣)، وتفسير البيضاوي (٤/ ٤٠١)، وتفسير ابن أبي زمنين (٤/ ١٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣٩).
(٣) روح المعاني (٢٢/ ١٤١).
(٤) فإنه بمعنى الإدراك والإتباع؛ يقال: ألحق به: أدركه، وألحق فلانًا به: أتبعه إياه، ويقال: ألحق القائف الولد بأبيه: أخبر بأنه ابنه لشبه بينهما يظهر له. [انظر: تاج العروس (٢٦/ ٣٥٢)، والمعجم الوسيط (٢/ ٨١٨)، ومعجم الأفعال المتعدية بحرف (ص ٣٢٥)].