الشرك بالله العظيم، وقبحه وبطلانه دالٌ على فساد أصله وبطلانه؛ إذ فساد الفرع اللازم قال على فساد أصله الملزوم، وكل أصل فهو علة لفرعه وموجب له.
يقول الإمام ابن تيمية:"كذلك الأعمال المحرمة التي تورث مفاسد؛ كشرب الخمر الذي يصد عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة، ويوقع العداوة والبغضاء، فهذه المفاسد الناشئة من هذا العمل هي فرع لازم للأصل، ففسادها يدل على فساد الأصل، وهكذا كل أصل فهو علة لفرعه وموجب له"(١).
ثانيًا: من المعلوم أن التشبيه والتمثيل المذموم بين الله وخلقه هو وصف الله تعالى بصفات المخلوقين، أو وصف المخلوقين بصفات الرب تبارك وتعالى، وذلك بخلاف وصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فليس في ذلك أدنى تشبيه، ولا شائبة تمثيل، بل هو أصل الإيمان، وأساس الإسلام؛ أي: وصف الله تعالى بصفات الكمال وتنزيهه عن سائر صفات النقص والعيب والعجز.
هذا الإثبات لصفات الله تعالى هو منهج القرآن الذي جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- من عند ربه، وعليه سار صحابته الكرام، وسلف الأمة وعلماؤها من بعدهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حاشا أهل الكلام فإنهم لم يكتب لهم التوفيق في السير على هذا المنهج النبوي القويم، ففروا من التشبيه الذي زعموه وتوهموه في إثبات الصفات إلى تشبيه الله تعالى بالناقصات العاجزات، بل بالأموات بل المعدومات.
يقول الإمام ابن القيم: "حقيقة الشرك: هو التشبه بالخالق والتشبيه للمخلوق به، هذا هو التشبيه في الحقيقة لا إثبات صفات الكمال التي وصف الله بها نفسه، ووصفه بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعكس من نكس الله