للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ" (١)، قال: "وذلك لأن المعطوف بـ (الواو) يكون مساويًا للمعطوف عليه؛ لكونها إنما وضعت لمطلق الجمع، فلا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا، وتسوية المخلوق بالخالق شرك إن كان في الأصغر -مثل هذا- فهو أصغر- وإن كان في الأكبر فهو أكبر، ... بخلاف المعطوف بثم؛ فإن المعطوف بها يكون متراخيًا عن المعطوف عليه بمهملة، فلا محذور لكونه صار تابعًا" (٢).

وهذا يدل على أن التسوية بين الخالق والمخلوق لا تجوز ولو كانت في مجرد اللفظ؛ لأنَّها قد تكون ذريعة إلى اعتقادات القلوب، وإرادات النفوس، وسدًّا لذريعة التشريك في المعنى بالتشريك في اللفظ، وحسمًا لمادة الشرك حتى في اللفظ (٣).

ثانيًا: أفادت القاعدة أن ضابط الشرك بالله تعالى ومرجعه الذي يدور حوله هو التسوية الحاصلة بين الخالق والمخلوق، سواء كانت بالاعتقاد القلبي، أو باللسان، أو بالفعل، فمن اعتقد التسوية بين الخالق والمخلوق فيما يختص بالخالق أو يختص بالمخلوق، في الذات أو الصفات أو الأفعال، أو صرح بها بلسانه، أو فعل فعلًا يقتضيها ويؤول إليها كان واقعًا في الشرك بالله تعالى.

وبذلك يحكم على جميع الاعتقادات والأقوال والأعمال المتضمِّنة


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٣٨٤)، (١٣/ ٢٣٣١٣)، والنسائي في السُّنن الكبرى (٦/ ٢٤٥)، (١٠٨٢١)، وأبو داود في السُّنن (٤/ ٢٩٥)، (٤٩٨٠)، وابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٣٤٠)، (٢٦٦٩٠)، رواه أبو داود بسند صحيح.
(٢) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (ص ٤١٥)، [وانظر: حاشية كتاب التوحيد، لابن قاسم (ص ٣٠٤)، والمقصود أن (الواو) تفيد الجمع والتشريك، بخلاف (ثم) فإنها تفيد الترتيب المتراخي].
(٣) انظر: إعلام الموقعين لابن القيم (٣/ ١٤٦)، والفتاوى (١/ ١٣٦).