للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهذه التسوية بأنها شرك بالله العظيم بحسب حال هذه التسوية.

ويدخل في ذلك جميع العبادات من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة التي يحبها الله تعالى، وقد أمر بها سبحانه ورغَّب فيها، فهذه إذا صرفت لغير الله تعالى وقعت التسوية بين الخالق والمخلوق.

ومن ذلك ما يفعله من يغلو في القبور؛ من الخضوع للأولياء في أضرحتهم كخضوعهم للملك الجبار، مع شدة المحبة والرهبة والخوف من غضبهم، بل ألبسوهم بعض صفات الباري من السمع المطلق والبصر المطلق، والقدرة المطلقة، وغير ذلك، وسووهم بالله تعالى في صفاته وأفعاله وحقوقه.

وقد استفحل هذا الداء العضال، واستشرى بين أهل الإسلام، ولا يكاد يخلو منه قطر من أقطار المسلمين إلا وتجده يسري فيهم سريان النار في الهشيم، وكأنه هو الدين الذي بعث به محمد بن عبد الله عليه السلام، كل ذلك بسبب الجهل العظيم بحقيقة دين الإسلام وما بعث به خاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم- من التوحيد المبين، ودعوة الإسلام الخالصة، وبسبب إيحاء شياطين الإنس والجن إلى هؤلاء الجاهلين أن من لم يحضر إلى قبر الولي الفلاني ويقدم له النذور، وينحر عند قبره الذبائح، أو لم يحضر احتفال مولده حلت عليه اللعنة في حياته وبعد موته، وغشيه السخط، وتتابعت عليه المصائب، ولحقه الأذى في دينه ودنياه.

ولا تكاد اللعنة ترفع عنه حتى يراجع نفسه، ويعود إلى قبر الولي خاضعًا متضرعًا ذليلًا يتفطّر فؤاده، وخائفًا راهبًا وراغبًا يرجف قلبه، مقرًّا بجرمه، تائبًا من ذنبه، عازمًا على أن لا يعود إلى سابق ضلاله، وعظيم جفائه. فما أقبح هذه المساواة، وأشنع هذه التسوية بين الخالق العظيم والمخلوق الضعيف.

ثالثًا: دلت القاعدة على أن الشرك تسوية بين الخالق والمخلوق،