للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما معنى هذا الأصل فقد ذكر ابن فارس أنه أصل واحد يدل على الذعر والفزع، والخوف: ضد الأمن (١).

أما معنى الخوف الشرعي فهو حالة نفسية ملازمة للنفس المؤمنة سببها أمران:

أحدهما: معرفة العبد وعلمه بوعد الله ووعيده، وجزائه وعقابه.

والثاني: ثمرة العلم بقدرة الله وعظمته، وعزته وجلاله، وأنه الفعال لما يريد، وأنه المحرك للقلب المصرف له، المقلب له كيف يشاء، لا إله إلا هو، مشيئته نافذة، ولا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه وأمره (٢).

وبذلك يظهر مدى ارتباط الخوف بالعلم والمعرفة القلبية، وكونهما أصلًا محركًا للخوف؛ فلذلك لا يتصور أن ينفك مؤمن عن خوف من الله وإن ضعف إيمانه، ويكون ضعف خوفه بحسب ضعف معرفته وإيمانه، ثم إن كملت المعرفة في القلب أورثت جلال الخوف، وخضوع القلب ثم يفيض أثر ذلك من القلب على البدن، وعلى الجوارح، وعلى الصفات (٣).

وهذه المعرفة تحجز العبد عن مقارفة المعاصي، وتدفعه إلى فعل الطاعات، وهذا العلم والمعرفة هو أصل الخوف القلبي؛ إذ عبادة الخوف موردها القلب، ثم يظهر بعد ذلك أثره على الجوارح.


= اللغة (١/ ٦١٧)، والمعجم الوسيط (١/ ٣١٢)، والمصباح المنير (١/ ١٨٤)، والصحاح (٤/ ١٣٥٨)، ولسان العرب (٤/ ٢٤٨)، وأساس البلاغة (ص ١١٩)، ومعجم الأفعال المتعدية بحرف (٩٣)، غراس الأساس (ص ١٣١).
(١) مقاييس اللغة (٢/ ٢٣٠)، وانظر: تفسير البحر المحيط (١/ ٣١٢)، والمراجع السابقة.
(٢) انظر: طريق الهجرتين، لابن القيم (ص ٤٢٥).
(٣) انظر: إحياء علوم الدين، للغزالي (٤/ ١٦١)، و (٤/ ١٥٥ - ١٥٦).