للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الإمام ابن تيمية في معنى الخوف الشرعي: "حد الخوف ما حجزك عن معاصي الله، فما زاد على ذلك فهو غير محتاج إليه" (١).

ويقول ابن القيم: "والخوف المحمود الصادق ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عَزَّ وجل، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط" (٢).

وفي هذا التعريف والذي قبله بيان لمعنى الخوف بحسب مستلزماته وآثاره ونتائجه، وليس بيانًا للحقيقة.

وعرَّفه الشيخ العثيمين بقوله: "الخوف من الله تعالى؛ وهو الحالة النفسية التي تجعل المؤمن يقدر ربه حق قدره، ويعرفه معرفة تحول بينه وبين ارتكاب المعاصي، أو التمادي في ارتكابها، وتحول بينه وبين التقصير في الطاعات، أو التمادي في التقصير فيها" (٣).

هذا هو الخوف الشرعي خوف العبادة، ولزيادة التوضيح فقد قسَّم أهل العلم الخوف إلى أقسام باعتبارات عديدة، وفيما يلي تلخيص تلك الأقسام:

القسم الأول: الخوف الاعتقادي: وهو خوف التأله والتعبد والتعظيم، ويعرف عند أهل العلم بخوف السر، وهو اعتقاد قدرة في المخوف ومشيئة مستقلة يفعل بها ما يشاء، وهو من لوازم الألوهية، وينتج عن ذلك طاعة في الباطن، وخوف وخضوع سري يزجر صاحبه عن معصية من يخافه، ويجعله يلجأ إلى المخوف منه كما يلجأ إلى الله أو أشد. فمن خاف مخلوقًا أن يميته، أو يضره، أو يملك قطع رزقه، كان واقعًا في الخوف الشركي المخرج من الملة والعياذ بالله.

ويلحق بهذا الخوف الاعتقادي الشركي الخوف من غير الله المتعلق


(١) مدارج السالكين (٢/ ٣٩٤).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٥١٤)، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص ٣٧١).
(٣) شرح ثلاثة الأصول، لابن عثيمين (ص ٥٢).