للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٦)} [الزمر: ٣٦].

فقد ذكر سبحانه في هذه الآية الكريمة أن الكفار عبدة الأوثان يخوفون النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دون الله جهلاً منهم وضلالًا، ويقولون له: إنها ستضره وتخبله، وهذه عادة عبدة الأوثان يخوفون الرسل بالأوثان (١)، ويزعمون أنها ستضرهم، وتصل إليهم بالسوء، ومعلوم أن الأنبياء عليهم السلام لا يخافون غير الله، ولا سيما الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع (٢).

يقول الشيخ الشنقيطي: "وهذه عادة عبدة الأوثان لعنهم الله يخوفون الرسل بالأوثان، ويزعمون أنها ستضرهم وتصل إليهم بالسوء، ومعلوم أن أنبياء الله -عليهم صلوات الله وسلامه- لا يخافون غير الله، ولا سيما الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع" (٣).

٢ - وقال تعالى عن نبيه إبراهيم عليه السلام لما خوَّفوه بها: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١)} [الأنعام: ٨٠، ٨١].

والمعنى؛ أي: لا يقع بي مخوف من جهة آلهتكم أبدًا إلا أن يشاء ربي شيئًا، فينفذ ما شاءه، وما شاءه هو منه سبحانه وليس من معبوداتكم الباطلة التي لا تملك شيئًا (٤).

فبين لهم عليه السلام أن ما يصيبه من المكروه والأذى فليس ذلك من قبل


(١) انظر: صحيح البخاري (٤/ ١٨١٠).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٥٥)، وأضواء البيان (٦/ ٣٦٤).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٣٦٤).
(٤) انظر: إعلام الموقعين (٤/ ٧٧)، وإغاثة اللهفان (٢/ ٢٥٤).