للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتوكل وغيرها من أنواع العبادة (١)؛ فمن رجا مخلوقًا أو توكل عليه معتقدًا فيه القدرة على جلب النفع وتحقيق المرجو بقدرته ومشيئته كان واقعًا في الشركين معًا.

يقول الإمام ابن القيم: "فالخوف عبودية القلب فلا تصلح إلا لله؛ كالذل، والمحبة، والإنابة، والتوكل، والرجاء، وغيرها من عبودية القلب" (٢).

وكمن دعا ميتًا في قبره لتحقيق رغبته معتقدًا قدرته على تحقيق ما يطلبه بمشيئته الخاصة كان واقعًا في شرك الربوبية وشرك الإلهية.

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: "فالواجب خشية الله وخوفه؛ لأنه مصرف القلوب ومقلبها، والقادر على كل شيء، وهو الذي ينفع ويضر، ويعطي ويمنع، فالواجب تخصيصه بالخوف، وألا يخاف إلا الله في كل الأمور (٣).

ولكن خوف السر يختص به سبحانه؛ وهو كون الإنسان يخاف من أجل قدرة خاصة سرية ليست حسب الحس، ولذلك يعتقد عباد القبور أن بعض الناس له القدرة على التصرف في الكون مع الله جل وعلا، ويعتقدون ذلك أيضًا في الأصنام والجن وغيرها، وهذا هو الشرك الأكبر، ويعتقد فيهم أيضًا أن لهم القدرة على العطاء والمنع، وزيغ القلوب، وموت النفوس دون أسباب حسية" (٤).

ثالثًا: ومما يدخل في حكم القاعدة الخوف من الجن أن يصيبوا الإنس بشيء من الأذى المحسوس المشاهد مع اعتقاد قدرتهم ومشيئتهم


(١) انظر: منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس (ص ٢٩٩ - ٣٠٠).
(٢) طريق الهجرتين (ص ٤٣٧).
(٣) انظر: شعب الإيمان للبيهقي (٢/ ٢٧).
(٤) شرح الأصول الثلاثة للعلامة ابن باز، شريط كاسيت.