للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى؛ مثل أن يطلب شفاء مريضه من الآدميين والبهائم، أو وفاء دينه من غير جهة معينة، أو عافية أهله وما به من بلاء الدنيا والآخرة، وانتصاره على عدوه، وهداية قلبه، وغفران ذنبه، أو دخوله الجنة، أو نجاته من النار، أو أن يتعلم العلم والقرآن، أو أن يصلح قلبه، ويُحَسِّن خلقه، ويزكي نفسه، وأمثال ذلك، فهذه الأمور كلها لا يجوز أن تطلب إلَّا من الله تعالى، ولا يجوز أن يقول لملك، ولا نبي، ولا شيخ؛ سواء كان حيًّا أو ميتًا اغفر ذنبي، ولا انصرني على عدوي، ولا اشف مريضي، ولا عافني أو عاف أهلي أو دابتي" (١).

وقال في موضع آخر بعد ذكره لهذه الأمور: "فمن سأل مخلوقًا شيئًا من ذلك فهو مشرك، به قد اتخذ لله ندًّا، يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهذا مثل دين النصارى" (٢).

وحتى يتضح معنى القاعدة بجلاء، ويمكن التفريق بين ما هو جائز وما هو محرم أو شرك من أنواع السؤال، ومعرفة الضابط للسؤال الذي إذا وقع لغير الله تعالى كان دعاء وعبادة للمسؤول، وصار شركًا بالله العظيم؛ فمن أجل كل ذلك فإنه لا بد من معرفة أصل مسألة السؤال، وما ذكره أهل العلم من تقسيمات لحالات السؤال، فأقول مستعينًا بالله تعالى.

لقد ورد في بعض النصوص الشرعية الأمر بسؤال الله تعالى وحده، كما في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: (إذا سألت فاسأل الله) (٣)، وصح عنه -صلى الله عليه وسلم-


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٦٧).
(٢) مختصر الفتاوى المصرية (ص ١٩٢).
(٣) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٩٣) برقم (٢٦٦٩)، والترمذي في سننه (٤/ ٦٦٧)، برقم (٢٥١٦)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصحح الشيخ الألباني، [انظر: مشكاة المصابيح (٣/ ١٤٥٩)، برقم (٥٣٠٢)، وذكر الإمام ابن رجب روايات الحديث، ثم حكم على رواية الترمذي بأنها: حسنة جيدة (ص ١٨٤ - ١٨٥)].