للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه بايع جماعة من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئًا، فكان بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدًا يناوله إياه (١).

قال النووي في معنى الحديث: "فيه التمسك بالعموم؛ لأنهم نهوا عن السؤال فحملوه على عمومه، وفيه الحث على التنزيه عن جميع ما يسمى سؤالًا وإن كان حقيرًا والله أعلم" (٢).

وجاءت أحاديث كثيرة في تحريم سؤال الناس (٣) شيئًا من أموالهم في غير ما ضرورة، فقط من باب التكثير بالمال، أو استشراف النفس له.

يقول ابن تيمية: "فقد جاء بضعة عشر حديثًا في النهي عن المسألة" (٤).

وجاء في حديثٍ النهيُ عن الاسترقاء في شأن الذين يدخلون الجنة بدون حساب ولا عذاب: (قال: هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون) (٥)، فمدحهم عليه السلام من أجل اتصافهم


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب: كراهية المسألة للناس (٢/ ٧٢١)، برقم (١٠٤٣)، من حديث عوف بن مالك الأشجعي.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ١٣٢).
(٣) ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب: من تحل له المسألة (٢/ ٧٢٢)، برقم (١٠٤٤)، عن قبيصة بن مخارق الهلالي، وفيه: (يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، أو قال سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، أو قال سدادًا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتًا يأكلها صاحبها سحتًا).
(٤) مختصر الفتاوى المصرية (ص ٥٧٥).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره (٥/ ٢١٥٧)، برقم (٥٣٧٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف المسلمين الجنة بغير حساب (١/ ١٩٩)، برقم (٢٢٠)، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.