للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرائع الكلية التي بعث بها الرسل كلهم" (١).

ويقول العلامة ابن عطية: "وأما في المعتقد، فالدين واحد لجميع العالم؛ توحيد، وإيمان بالبعث، وتصديق للرسل، وقد ذكر اللَّه تعالى في كتابه عددًا من الأنبياء شرائعهم مختلفة ثم قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] فهذا عند العلماء في المعتقدات فقط" (٢).

وقال الإمام الشوكاني (٣) في قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣]: "أي: لا تختلفوا في التوحيد والإيمان باللّه، وطاعة رسله، وقبول شرائعه، فإن هذه الأمور قد تطابقت عليها الشرائع، وتوافقت فيها الأديان، فلا ينبغي الخلاف في مثلها" (٤).

وعرَّف -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب دين الإسلام بقوله: "الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة، وهو الاستسلام للّه بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله" (٥).

ومن المعلوم أن الأنبياء إنما بعثوا لتقرير الأصل الأول بخلاف غيره، إذ هي تبع للأصل الأول، فالأصل هو إفراده بالعبادة دون ما سواه، وأنه هو المستحق للعبادة، لا إله غيره ولا رب سواه.


(١) المصدر نفسه (١٧/ ٤٤).
(٢) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٣٠٠ - ٢٠١).
(٣) هو: محمد بن علي بن محمد بن عبد اللَّه الشوكاني الصنعاني، اليماني، الفقيه، المجتهد، المحدث، الأصولي. ألف كثيرًا من الكتب النافعة منها: فتح القدير في "التفسير"، ونيل الأوطار شرح منتهى الأخبار، وإرشاد الفحول. توفي سنة ١٢٥٠ هـ. [انظر ترجمته في: البدر الطالع (٢/ ٢١٤)، والأعلام للزركلي (٦/ ٢٩٩٨)].
(٤) فتح القدير (٤/ ٥٣٠).
(٥) ثلاثة الأصول، ضمن مؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب (٦/ ١٣٧).