للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شفاعة ولا غيرها، وأن الشفاعة جميعها خالصة لله تعالى ملكًا وتصرفًا، وعليه فيجب ألا تطلب الشفاعة إلا من الله تعالى أو ممن أذن له تعالى أن يشفع.

يقول البيضاوي في قوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}: "والمعنى أنه مالك الشفاعة كلها لا يستطيع أحد شفاعة إلا بإذنه ورضاه، ولا يستقل بها، ثم قرر ذلك فقال: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فإنه مالك الملك كله لا يملك أحد أن يتكلم في أمره دون إذنه ورضاه، {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤)} يوم القيامة، فيكون الملك له أيضًا حينئذٍ" (١).

ويقول الإمام ابن القيم في بيان معنى الآية: "فأخبر أن الشفاعة لمن له ملك السموات والأرض، وهو الله وحده، فهو الذي يشفع بنفسه إلى نفسه ليرحم عبده، فيأذن هو لمن يشاء أن يشفع فيه فصارت الشفاعة في الحقيقة إنما هي له، والذي يشفع عنده إنما يشفع بإذنه له وأمره بعد شفاعته سبحانه إلى نفسه، وهي إرادته من نفسه أن يرحم عبده، وهذا ضد الشفاعة الشركية التي أثبتها هؤلاء المشركون ومن وافقهم وهي التي أبطلها الله سبحانه في كتابه.

فأخبر سبحانه أنه ليس للعباد شفيع من دونه، بل إذا أراد الله سبحانه رحمة عبده أذن هو لمن يشفع فيه ... فالشفاعة بإذنه ليست شفاعة من دونه ولا الشافع شفيع من دونه بل شفيع بإذنه" (٢).

ويقول الشيخ السندي: "وثبوت الشفاعة لا يوجب أنه يملك شيئًا، سيما إذا كان محتاجًا فيها إلى الإذن من الله تعالى فقد قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} " (٣).


(١) تفسير البيضاوي (٥/ ٧٠).
(٢) إغاثة اللهفان (١/ ٢٢٠)، وانظر: تفسير القرطبي (١٥/ ٢٦٤).
(٣) حاشية السندي على سنن النسائي (٦/ ٢٤٨).